لماذا تمتلك شاحنات النقل الثقيل إطارات عريضة وبأعداد كبيرة؟
7 أبريل، 2025
اقرأ المزيد لماذا تمتلك شاحنات النقل الثقيل إطارات عريضة وبأعداد كبيرة؟وفقاً لما تصرح به منظمة النقل الأمريكية (ATA) فإن ٢٠% من ميزانية الصيانة السنوية تقع ضحية صيانة الإطارات فقط، من خلال هذه النسبة يمكننا أن نفهم أهمية إطارات الشاحنات في سياقها الاقتصادي الواسع والذي بدوره يدخل في اقتصاد خدمات النقل اللوجستي، حتى يصل هذا التأثير إلى كامل دائرة الاقتصاد المحلية ومن ثم ينتقل إلى العالم أجمع، ومما زاد الأمر خطورة أن الإطارات هي العنصر الأكثر حيوية في الشاحنات والمركبات بصورة عامة، فضلاً عن التداخل والتقاطع المتشابك بين قطاع صناعة الإطارات والمطاط مع القطاعات الصناعية الأخرى.
ولكن لحُسن الحظ يمكن تخفيض نسبة تكاليف الصيانة السنوية بشكل كبير من خلال بعض الممارسات والاستراتيجيات المدروسة والتي تعمل على توفير ما يقرب من نصف هذه التكاليف السنوية وخفضها إلى المستوى الذي يحدث فرقاً إذا نظرت إليه في الأساطيل اللوجستية، ومن خلال هذا المقال نستعرض أفضل الممارسات والتقنيات التي تجنبّك الهدر غير الضروري في تكاليف الاستبدال والصيانة الدورية، مع التركيز على توفير الحلول الأكثر فاعلية في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، لأنها بشكل خاص تتميز عن غيرها بصعوبة تضاريسها وتباين درجات الحرارة فيها بشكل كبير مما يزيد من تسارع استهلاك إطارات شاحنتك أكثر من أخواتها في المناطق الأخرى.
الصيانة الدورية هي درع الوقاية الحصين من الكوارث المكلفة والمهلكة، إذ تشير الإحصائيات إلى أن الإطارات المهملة تُسبب في ما لا يقل عن ٣٥% من أعطال الشاحنات على الطرق التجارية السريعة، ومن المهام الرئيسية في عملية الصيانة التي يجب على السائقين إجراؤها:
أولاً: فحص عمق المداس اسبوعياً، وذلك باستخدام الأدوات المخصصة لذلك والمتوفرة في أغلب محلات ومراكز الصيانة المعتمدة، إذ أن انخفاضه عن ٣,٢ ملم يساهم في زيادة خطر الانزلاق بنسبة ٥٠% في الأجواء الممطرة والطرق المبللة وهذا وفقاً لما أكده معهد السلامة على الطرق السريعة(IIHS) وهذا الأمر يعتبر من أبرز العلامات على قرب انتهاء صلاحية الإطارات ووجوب استبدالها بشكل عاجل، لأن الاستمرار في السير على إطارات ضعيفة التمسك بالطريق وسهلة الانزلاق يشكل خطراً عليك وعلى السائقين الآخرين.
ثانياً: إجراء فحص محاذاة العجلات كل ١٠ الآف كيلومتر، وهذه العملية تتركز فائدتها في تقليل مستوى استهلاك الإطارات لأن الاختلال في محاذاة الإطارات بنسبة ٠,١ درجة فقط يسرّع من تآكل الإطارات بنسبة ١٠% وهذه نسبة خطيرة على المستوى البعيد وخصوصاً في شاحنات النقل التجاري التي لا تكاد تتوقف، وهذا الأمر أكدته جامعة ميشغان التقنية من خلال دراسة أجرتها على الإطارات، وهذا الإجراء يمكنه أن يساهم بشكل كبير في الحفاظ على جودة الإطارات الأمامية.
ثالثاً: صيانة أنظمة التعليق و توازن الشاحنة، يعتبر نظام التعليق الواسطة الأولى التي تربط العجلات بالشاحنة لذا هو المسؤول عن العديل من مشاكل الإطارات، خصوصاً إذا كان هناك اختلال في التوازن وفي توزيع القوى والعزم، لذا من الضرورة مراجعة مركز صيانة متخصص لفحص نظام التعليق وما يرتبط به لمعرفة الحالة العامة له والتأكد من عدم تأثيره سلباً على الإطارات.
ثلاثة أرباع السائقين يتفحصون ضغط الهواء في إطارات شاحناتهم فقط عندما تظهر علامات ومشاكل واضحة تستدعي ذلك، وهذا يشير إلى أن هذه المهمة من أكثر المهمات الروتينية اهمالاً، وهذا الإهمال يكلف قطاع النقل العالمي ١٢ مليار دولار سنوياً في الإطارات التالفة المهدورة والوقود الإضافي المستهلك، وهذه المشاكل منبعها اختلال في مستويات ضغط الإطارات الداخلي، فـ في حالة الضغط المنخفض يكون مداس الإطار (الكفر) مسطحاً بشكل كبير مما يزيد من مساحة التلامس بين الإطار (الكفر) والطريق الأسفلتي وقد يبدو لك هذا الأمر شيئاً لا قيمة له ولكن تأثيره الواقع هو ارتفاع درجة حرارة الإطار إلى ما يقارب الـ ٩٠ درجة مئوية والتي تعتبر درجة عالية بالنسبة للمطاط المركب الذي تُصنع منه الإطارات بشكل عام، ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية (IEA) فإن هذا الأمر يسبب في تسارع تآكل الإطارات بنسبة ٤٥% فوق المستوى الطبيعي للتآكل المتساوي للإطارات.
بينما من جانب آخر يأتي مستوى الضغط المرتفع داخل الإطارات بتأثيراتٍ مختلفة، فهنا تتقلص مساحة التلامس بين المداس والطريق الأسفلتيّ، مما يترك ٦٠% من وزن الحمولة الكليّ مركزاً على المساحة المركزية في الإطار، مُسبباً بذلك تشققات شعاعية تظهر بعد مدة من الاستخدام قد تقدّر بستة أشهر تقريباً وفقاً للتحليلات التي أجراها المتخصصون، وهنا نُدركُ جميعاً أن ضغط الهواء الداخلي للإطارات لا بد له من التوازن فلا الانخفاض ولا الارتفاع يمكن أن يكون خياراً آمناً، بينما يمكن للسائقين ببساطة اتباع التعليمات المرفقة من الشركات المصنعة والالتزام بها على مختلف الطرقات، مما يضمن لهم سلامة عامة وضماناً أكبر في حالة وقوع حادثٍ ما.
من الحلول التي يتم اقتراحها هو ما يسمى "أنظمة المراقبة الذكية لضغط الهواء (TPMS)" وهذه الأنظمة تعمل على إرسال وتوجيه إنذارات فورية إلى السائق من خلال الهاتف الجوال تنبههُ بانخفاض الضغط داخل الإطارات بشكل مباشر، وقد ساهمت هذه الأنظمة التي تم تركيبها على العديد من الشاحنات في العالم بخفض مستويات وقوع الحوادث بشكلٍ لا يُصدّق بنسبة وصلت إلى ٦٢% وفقاً لتقرير الإدارة الوطنية للسلامة المرورية الأمريكية (NHTSA) عام ٢٠٢٣م، وهذه الإحصائيات قد لا تتطابق مع مناطقنا في الشرق الأوسط والخليج العربي ولكن الأمر متشابهٌ بشكل كبير ويمكن محاكاته أو إجراء ابحاث دقيقة على مختلف الدول العربية.
علم الهندسة يدخل في كل مجال ليجعله مجالاً متقدماً أكثر، وهو كذلك فيما يخص الإطارات، من خلال التشكيل الهندسي للإطارات يمكننا أن نتصور حالة من الاستعمال المتكرر على اتجاه معين من الإطارات وحالة مستمرة تعيشها بعض الإطارات دون أخواتها، فكيف يمكننا تجنب الاستعمال المتفاوت؟
يمكن الإجابة على هذا السؤال بكلمة واحدة وهي "التدوير" وهذا المصطلح يحتاج إلى مساحة من التحرير، فقد يظن البعض أننا نتكلم عن إعادة التدوير وهذا أمرٌ بعيد، تدوير الإطارات ببساطة هو نمط محدد لتغيير توزيع الإطارات بين الأمام والخلف واليمين واليسار، بحيث تتغير أماكن الإطارات ولا تبقى ثابتة في مكانٍ محدد، وهذه العملية هي جهدٌ حسابي وهندسي حيث أن الإطارات الأمامية على سبيل المثال تتحمل ٣٠% من وزن الحمولة الأساسية بينما الإطارات الخلفية تحمل النسبة المتبقية الأكبر بطبيعة الحال، مما يجعل من تدوير الإطارات الأمامية وإرجاعها إلى الخلف وتقديم الخلفية أمراً يساهم في توزيع مستوى التآكل الحاصل فـ لكل ١٥ ألف كيلومتر تقوم بتدوير الإطارات مما يضمن لها تآكلاً متساوياً وانخفاضاً في مستويات الاستهلاك والتلف الفردي، تالياً نذكر لك بعض الأنماط المقترحة لتدوير الإطارات:
إن تدوير الإطارات يعتبر عملية مهمة للغاية لمن كان يريد زيادة عمر الإطارات بنسبة ٢٥% هذا في حالة تدويرها كل ١٥ ألف كيلومتر، فضلاً عن استخدام الإطارات المصنعة بتقنيات مثل طبقات المطاط المتعددة (Multi - Compound) والذي يعطي أفضلية أكبر في مستويات الاحتكاك في الطرق الوعرة والمتكسرة.
القيادة ليست مهارة فحسب، بل هي العامل الاقتصادي الذي يحدد مصير إطارات شاحنتك، وقد أظهرت البيانات التي صرحت بها جمعية الشاحنات الأمريكية بأن السائقين الذين يقودون شاحناتهم بهدوء وسلاسة يوفرون ما يقارب ١٥٠٠ دولار سنوياً مقارنة بمن يقودون شاحناتهم بجنون وعشوائية بدون استخدام صحيح للفرامل وخفض السرعة عند المنعطفات الشديدة.
ولنفهم الأمور بشكل دقيق يمكنك أن تعلم أن الفرملة المتكررة على سرعات عالية يمكنها إتلاف الإطار قبل انتهاء عمره الافتراضي بوقت باكر جداً، وذلك لأن الفرملة ترفع درجة حرارة الإطارات إلى ما يقارب ١٣٠ درجة مئوية، والتي تعتبر درجة حرارة عالية جداً بالنسبة للإطارات والمركبات الكيميائية التي يتم تصنيعها منها، مما يساهم في تسريع عملية تفكك المواد المركبة وتلف المطاط، بينما تؤكد المصادر الموثوقة بأن السرعة الكبيرة تزيد من مستويات الاحتكاك بالطرقات الأسفلتية بشكل مخيف قد يصل إلى زيادة ٤٠% فوق مستوى مساحة الاحتكاك الطبيعية، والذي ينتج عنه استهلاك ما يقارب ١٠% من وقود الرحلة، فضلاً عن استهلاك طبقة المداس وتعريضها لتحدٍ شديد الصعوبة.
هذا كله يبين بكل وضوح أهمية اتخاذ أسلوب قيادة هادئ ومتزن، يجمع بين الخبرة العملية والمعرفة العامة بقوانين السير، مما يوفر الكثير من الأموال خصوصاً في حالات الأساطيل اللوجستية وشركات النقل التجاري، فهذه الأموال تهدر بشكل سنوي بسبب تهور بعض السائقين وعدم احترافيتهم في القيادة، مما يستدعي المراقبة المستمرة للحصول على أفضل تجربة وأقل تكاليف.
لقد تكلمنا سابقاً عن الفحص البصري ولكن حينما يتعلق الأمر بالتلف المبكر وتشخيص الإطارات بشكل عميق لا بد من استخدام أدواتٍ متقدمة تتفوق على الفحص البصري التقليدي والفحوصات الروتينية، ولهذا الأمر كله أهمية بالغة في تحديد المشاكل العميق التي تخفى عن العيون، ولكنها تستهلك من الإطارات بشكل كبير وتسبب تلفاً مبكراً غير متوقع، والآن يمكنك أن تتعرف على الفحوصات المتقدمة:
تتفاعل الإطارات مع الظروف الخارجية بطرق قد تفاجئ الجميع بما في ذلك السائقين المتمرسين، وذلك لأن المطاط وهو المادة الرئيسية في صناعة الإطارات يعتبر مادة قابلة للتأثر بالحرارة والرطوبة و الشد والضغط، فضلاً عن المركبات الكيميائية المضافة إلى المطاط، مما يجعل الإطارات بشكلها وتركيبها الحالي قابلة للتأثر بالظروف البيئية من حرارة أو برودة أو رطوبة، ولكل ظرف تأثيره الخاص وسنأتي عليها تالياً:
إن اختيار الإطارات يعدّ استثماراً كبيراً في الأموال والأنفس، فـ هذه الإطارات ليست مجرد حلقة تتدحرج على الطرقات بل هي جزء من التجربة الحياتية العامة، والقرار بشأن الإطارات لا بد أن يكون مدروساً لأنه طويل الأمد، فلا أحد يفكر بتبديل الإطارات كل سنة، بل هناك من يبحثون عن إطارات تدوم حتى سبع سنوات، لذا من المهم معرفة أبرز العلامات التي تدل على جودة الإطارات العالية وكفاءة عملها.
إطارات الشاحنات تعتبر عالماً واسعاً يرحب بالسائقين والفنيين، ولكن لا يمكن التعامل معه بدون فهم عميق لدور الإطارات في العملية الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها اليوم، والتي تعتمد بشكل كبير على جودة عمل هذه الإطارات وتأدية عملها على أكمل وجه، لأن الدائرة الاقتصادية والحياتية مرتبطة بعمليات النقل اللوجستي المستمرة على مدار ٢٤ ساعة، والتي توفر للإنسان تواصلاً حياً مع العالم من خلال التجارة والاستثمار والمشاركة.
7 أبريل، 2025
اقرأ المزيد لماذا تمتلك شاحنات النقل الثقيل إطارات عريضة وبأعداد كبيرة؟16 مارس، 2025
اقرأ المزيد هل تؤثر جودة الإطار على استهلاك الوقود؟9 مارس، 2025
اقرأ المزيد كيف تؤثر كفرات الشاحنات على اقتصاد العالم؟